Messages les plus consultés

vendredi 1 mai 2015

الحق في المحاكمة العادلة


                                              الحق في المحاكمة العادلة
                                                بين
                   المعايير الدولية والقانون والواقع المغربي


العدالة بين الحرية والسلطة
        في البداية الحرية والمساواة ، ثم تطورت الجماعات البشرية الأولى الى مجتمعات   وانقسمت تبعا للمصالح إلى مستغلين أقوياء والى عبيد او مستغلين ضعفاء ومن السيطرة  والإستغلال ولدت السلطة المطلقة . ومن مرارة الظلم والجور والإستغلال تولدت أفكـــــار المفكرين وأحلام الفلاسفة حول المدينة الفاضلة والمحاكمة العادلة.
         كان العدل محور مهام الرسل والأنبياء وحلم الشعراء والمفكرين وكان الصراع بين الحرية والسلطة مصدر كل الأفكار السديدة في هذا المجال ، فإنتهى ذلك الى وضع وسائل نظرية قانونية تمثلت في الشرائع السماوية الثلاثة وفي القانون الطبيعي التي تخلص الى "وجود وجود قانون ثابت لا يتغير يكتشفه العقل من المساواة والعدل الكامنة في النفس " وهو عبارة عن مجموعة القواعد العامة الأبدية السرمدية الخالدة التي أودعها الله في هذا الكون والتي يكتشفها الإنسان بالتأمل والتعقل  والتفكير " (1) وقد لعبت الفكرة الفلسفية المنطلقة من العقد الإجتماعي ، خصوصا مل لوك وروسو دورا سياسيا في تقييد السلطة وحماية الحرية والعدالة انطلاقا من ان الأفراد حينما انخرطوا في العقد الإجتماعي لم يتنازلوا عن حقوقهم المتعلقة بالمساواة والعدل وهو ما يمنحهم الحق في تغيير السلطة ادا لم تحقق العدالة .
        في سنة 1748 نشر مونتيسكيو كتابه الشهير روح القوانين والذي سيكون له اكبر التأثير في تطوير الفكر القانوني الحديث والذي انتهى الى ضبط المعايير الدولية للمحاكمة العادلة فقد ابتدع مونتسكيو مبدا فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية انطلاقا من مبدا " السلطة توقف السلطة " (2) بهذا المبدأ الدي يمكن السلكة القضائية من مراقبة ومعاقبة كل التعسفات .

اولا :المعايير الدولية للمحاكمة العادلة
       بعد حربين مدمرتين عالميا ، اقتنع المجتمع الدولي سنة 1945 بضرورة تاسيس هيئة الأمم المتحدة كمنظمة هدفها " إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي جلبت على الإنسانية مرتين خلال جيل واحد أحزانا يعجز عنها الوصف (3) وقد أكدت الأمم المتحدة في ميثاق تأسيسها أننا " نحن شعوب الأمم المتحدة ، نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما –
للربجال والنساء والأمم صغيرها وكبيرها من حقوق متساوية . وان تبين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العد
الة واحترام الإلتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي (4) .
       وقد اكد ميثاق الأمم المتحدة على ان الأهداف الأساسية للمنظمة تتمثل تحقيق التعاون لحل المسائل الدولية ذات الصبغة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز إحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين وبدون تفريق بين الرجال والنساء (5)

ــ الحق في المحاكمة العادلة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :
       في سنة 1948 صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنفيذا لهذا الميثاق " لتبيان الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة " بناءا على الكرامة المتأصلة في الإنسان وماله من حقوق متساوية وثابتة تشكل اساس الحرية والعدل والسلام وقد تحدث

.0..الإعلان عن مبادئ المساواة والحرية وسجل مجموعة من الحقوق بوصفها المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي ان تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم (6) ومن بين هذه الحقوق الحق في محاكمة عادلة
    فبعد ان تحديث الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الحق في المساواة والحق في الحياة والحرية والأمان والحق في عدم الخضوع لأي تعذيب او معاملة قاسية مهينة للكرامة في الفصول 1و5و6 ، تحدث عن الحق في المحاكمة العادلة في الفصول 7و8و9و10و11و12 كما يلي :

المادة 7 : الناس جميعا سواء امام القانون وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون
             بدون اي تمييز .
المادة 8 : لكل شخص حق اللجوء الى المحاكم الوطنية للإنصاف الفعلى من اية اعمال
             تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور او القانون .
المادة 9 : لايجوز اعتقال اي الإنسان او حجزه او نفيه تعسفا
المادة 10 : لكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الأخرين الحق في ان تنظر قضيته
               امام محكمة مستقلة ومحايدة نظرا منصفا وعلنيا للفصل في حقوقه والتزاماته
              وفي اية تهمة جزئية توجه اليه .
المادة11 : 1ــ كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى ان يثبت ارتكابه لها في محاكمة علنية تكون قد وفرت له جميع الضمانات اللأزمة للدفاع عن نفسه
              2 ــ لا يدان ان اي شخص بجريمة بسب اي عمل او إمتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكل جرما بمقتضى  القانون الوطني والدولي كما لا توقع عليه اية عقوبة اشد من تلك التي كانت سارية في الوقت الذي ارتكب فيه الفعل الجرمي .

ــ الحق في المحاكمة العادلة في الإتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية :
           استغرق إعداد الإتفاقية الدولية بشان الحقوق المدنية والسياسية زمنا طويلا ثمانية عشر سنة بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، ففي سنة 1966 تم فتح المجال للتوقيع على الإتفاقية الدولية بشأن حقوق الإنسان حولت حق المحاكمة العادلة من مثل مشترك ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم الى حق مضمون بإتفاقية دولية تعلو فوق كل القوانين الداخلية للدول وتحاسب على عدم احترامها اذا كانت قد وقعت البروتوكول الإختياري اما لجنة حقوق الإنسان .
          وجاء النص على الحق في الحاكمة العادلة في هذه الإتفاقية في عدة فصول على الشكل التالي :
المادة 9 : 1 ــ لكل فرد الحق في الحرية والأمان على شخصه .ولا يجوز توقيف أحد او
                   إعتقاله تعسفا ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص  عليها
                  القانون طبقا للإجراء المقرر فيه .
              2 ــ يتوجب إبلاغ اي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما                       يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه .

              3 ــ يقدم الوقوف او المعتل بتهمة جنائية ،سريعا الى أحد القضاة او احد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية ويكون من حقه ان يحاكم خلال مهلة معقولة ا وان يفرج عنه ولا يجوز ان يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة ، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة في اية مرحلة اخرى من مراحل الإجراءات القضائية ولكفالة تنفيذ الحكم عند الإقتضاء .
              4 ــ لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف او الإعتقال حق الرجوع الى المحكمة لكي تفصل دون ابطاء في قانونية اعتقاله وتأمر بالإفراج عنه اذا كان الإعتقال غير قانوني .
              5 ــ لكل شخص كان ضحية توقيف او الإعتقال غير قانوني حق في الحصول على تعويض

المادة 14 : 1 ـ الناس جميعا سواء امام القضاء ومن حق كل فرد لدى الفصل في اية تهمة جزائية توجه اليه او في حقوقه والتزاماته في اية دعوى مدنية ان تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون .
             2 ــ من حق كل متهم بارتكاب جريمة ان يعتبر بريئا الى ان يثبت عليه الجرم القانونا .
             3 ــ لكل متهم بجريمة ان يتمتع اثناء النظر في قضيته ، وعلى قدم المساواة التامة بالضمانات الدنيا التالية :  
أ ـ ان يتم غعلامه سريعا وبالتفصيل وفي لغة يفهمها بطبيعة التهمة الموجهة اليه واسبابها
ب ـ ان يعطي من الوقت ومن التسهيلات مايكفيه لإعداد دفاعه وللإتصال يختاره
ج  ـ ان يحاكم دون تأخير لا مبرر له
د ــ ان يحاكم حضوريا وان يدافع عن نفسه شخصيا او بواسطة محام من اختياره وان يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه اذا لم يكن من يدافع عنه دون تحميله اجرا على دلك اذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هدا الأجر .
هـ ـ ان يناقش شهود الإتهام بنفسه او من قبل غيره وان يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الإتهام
و ـ ان يزود مجانا بترجمان إذا كان لا يفهم او لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة
ز ـ الا يكره على الشهادة ضد نفسه او على الإعتراف
4 ــ في حالة الأحداث يراعى جعل الإجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيليهم .
5 ــ لكل شخص ادين بجريمة وفقا للقانون ، حق اللجوء الى محكمة اعلى تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه
6 ــ حين يكون قد صدر على شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة ، ثم ابطل هذا الحكم او صدر عفو خاص عنه على اساس واقعة جديدة او واقعة حديثة الإكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي ،يتوجب تعويض الشخص الذي نزل به العقاب نتيجة تلك الإدانة وفقا للقانون ما لم يثبت انه يتحمل كليا او جزئيا للمسؤولية عند عدم افشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب
7 ــ لا يجوز تعرض احد محدد للمحاكمة او للعقاب على جريمة سبق ا نادين بها او برئ منها لحكم نهائي وفقا للقانون وللإجراءات الجنائية في كل بلد
المادة 15 : لايدان اي فرد باية جريمة بسبب فعل او امتناع عن فعل لم يكن وقت ارتكابه يشكل جريمة بمقتضى القانون الوطني او الدولي . كما لا يجوز فرض اية عقوبة تكون اشد من تلك التي كانت سارية المفعول في الوقت الذي ارتكب فيه الجريمة وإذا حدث بعد ارتكاب الجريمة ان صدر قانون ينص على عقوبة اخف ،وجب ان يستفيد مرتكب الجريمة من هذا التخفيف .
هذه هي المواد التي وردت بشأن الحق في المحاكمة العادلة ومن خلالها يمكن ان نتحدث عن شروط قيام محاكمة عادلة .
ــ شروط المحاكمة العادلة :
      إن الحديث عن محاكمة عادلة غير ممكن خارج اطار مجتمع ديمقراطي محكوم بدولة الحق والقانون لذلك فإن هناك شرطا سياسيا مسبقا للتمتع بمحاكمة عادلة ، هذا الشرط هو وجود دستور ديمقراطي يضمن مبدأ فصل السلطات ، وضمن هذا الإطار فإن شروط المحاكمة العادلة يمكن تلخيصها في ما يلي :
ــ الشرط الأول : إحترام القانون في الشكل والجوهر
   إن إحترام القاعدة القانونية هو وحده الدي يستطع ان يضمن الحقوق والحريات الأساسية للإنسان ، ولذلك فإن احترام القانون في كل الإجراءات هو الشرط الأول لأية محاكمة عادلة (7)
    إن الإجراءات التمهيدية للمحاكمة ، وكذا سريان وقائع  المحاكمة يجب ان تنجز كلها طبقا للقانون
     فلو اخدنا محاكمة جنائية مثلا ، فإن الجهات التي لها الإختصاص لها وحدها الحق في البحث والتحري وتوجيه المتابعة طبقا للقانون مع احترام نصوصه . إذ لا يمكن قانونا القيام إجراء ضد المتهم المشبوه فيه إلا بمقتضى القانون ، وطبقا لما يسمح به القانون
    والقانون موضوع الحديث هنا القانون المنجز في اطار مجتمع ديموقراطي ، فهو بذلك يراعي كل المبادئ المنصوص عليها في المواثيق الدولية بشأن احترام حقوق الإنسان .
     إن شرط احترام القانون في الشكل والجوهر هو شرط الزامي لهيئة الضابطة القضائية ولقضاة النيابة العامة ولقضاة المحكمة احتلرامه لن تكون هناك محاكمة عادلة .
الشرط الثاني : استقلال السلطة القضائية
     إن مبدأ فصل السلطات في الدستور هو الضمانة السياسية لإستقلال القضاء لكن السلطة القضائية لا يمكنها ان تتمتع بإستقلالها إذا كان المبدأ منصوصا عليه بصفة شكلية في الدستور . فالقوانين الأساسية المنظمة للهيئات يمكن ان تجعل منها هيئات تابعة ولا تتمتع باي استقلال وهو ما يفرغ مبدأ فصل السلطات السياسي من اي محتوى في واقع القضاء .
      إن السلطة القضائية هي الضمانة الأساسية للحرية والعدالة وقيام سلطة قضائية مستقلة هو الشرط الثاني لإحترام الحق في محاكمة عادلة .
      فإذا كان من الممكن مثلا نقل القاضي بمجرد قرار إداري ، فإن الحديث عن استقلاله يكون مجرد حديث عن كلمة فارغة من محتواها وإذا كان القاضي مهددا في الحد الأدنى لمعاشه بسبب ضعف اجره ، فإنه يصعب ان يصمد اما التأثيرات المختلفة للأطراف بهدف تحريف مسار المحاكمة .
    إن القاضي المستقل وحده يمكنه ان يمارس مهامه بكل حرية وضمير (8)
ــ الشرط الثالث : توفير الضمانات القانونية والواقعية لقيام هيئة الدفاع بمهامها
     إن وجود دفاع حر مستقل هو الشرط الثالث لقيام محاكمة عادلة ويستلزم هذا الشرط ان يتمتع المحامون بكل الضمانات القانونية والواقعية التي تمكنهم من القيام بمهامهم في اطار القانون والمبادئ المنصوص عليها في المواثيق الدولية والمبادئ المحددة لدور المحامين كما انجزها مؤتمر هافانا (9)
    ولقيام المحامي بدوره فإن القانون المنظم المحاماة يجب ان يضمن الحصانة كاملة في كل ما له علاقة بمهنته .
ــ الشرط الرابع : احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان ( المحاكم )
    لايمكن ان تكون المحاكمة عادلة اذا كانت الهيئات القضائية تنسى او تتجاهل ان الإنسان المتابع او المحاكم له كرامة تستلزم ان لا يعرض لما يهين كرامته خلال إجراءات المحاكمة ويدخل ضمن احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان :
1 ــ عدم تعريضه للتعذيب النفسي والجسدي ولو من اجل الحصول على الإعتراف
2 ــ اعتباره بريئا الا ان تثبت إدانته ويعامل باستمرار على هذا الأساس خلال إجراءات المحاكمة
3 ــ احترام عدم رجعية القانون بشأن الأفعال المنسوبة اليه
    إن الإنسان هو الغاية ولذلك فإن المحاكمة لكي تكون عادلة يجب ان تنطلق من انها من اجل مصلحة الإنسان وعليه فإن المحاكمة العادلة لا يمكن ان تتحق إلا على اساس احترام كرامة الإنسان في إطار احترام القانون المطبق من طرف هيئات قضائية مستقلة نزيهة بحضور دفاع حر متمتع بكل الضمانات القانونية والواقعية لممارسة مهام الدفاع
الحق في محاكمة عادلة والبروتوكول الإختياري :
  بالرجوع الى الإتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الإختياري الملحق بها يمكن ملاحظة ان الحق في المحاكمة العادلة يخضع للمراقبة على مستويين :
1 ــ العلاقات بين الدول الأطراف في الإتفاقية :
    تنص المادة 41 على ان لكل دولة طرف في هذه الإتفاقية ان تعلن في اي حين إعترافها بإختصاص لجنة حقوق الإنسان في استلام ودراسة البلاغات المقدمة من دولة طرف بأن دولة اخرى طرف لا تقي بالتزاماتها المترتبة على هذه الإتفاقية (10)
   فبمقتضى هذه المادة تم تحديد مسطرة تبتدئ بالتنبيه ثم احالة القضية بعد الستة اشهر على لجنة حقوق الإنسان التي تدرس القضية ثم تعين لجنة حقوق الإنسان التي تدرس القضية ثم تعين هيئة توفيق إن لم تجد حلا تقدم تقريرا
ففي هذا الإطار يمكن ان تطرح دولة ما إنعدام ظروف المحاكمة العادلة في دولة اخرى طرف
2 ـ العلاقة بين الدولة ومواطنيها في اطار البروتوكول الإختياري :
حسب المادة الأولى من البروتوكول الإختياري الملحق بالإتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية ، فإن كل دولة طرف في الإتفاقية تنضم البروتوكول الإختياري تكون بذلك قد اعترفت بإختصاص لجنة حقوق الإنسان في استلام الرسائل والشكايات المقدمة من طرف الحقوق المقررة في الإتفاقية
    وهكذا فإنه بمقتضى هذا البروتوكول يكون من حق فرد يدعى ان حقه في المحاكمة العادلة قد انتهك ان يقدم الى لجنة حقوق الإنسان المنشأة حسب الفصل 28 من الإتفاقية رسالة كتابية لتنظر فيها على اساس ان تكون موقعة ولا تنطوي على التعسف في استعمال الحق (11) وتقوم اللجنة بإحالة الرسالة على الدولة المعنية التي يجب عليها موافاة اللجنة بالجواب والبيانات الكتابية اللازمة في اجل ستة اشهر ، وبعد دراسة القضية فإن اللجنة ترسل الرأي الذي توصلت اليه الى الدولة الطرف والى الفرد .
   إن هذه المسطرة رغم عدم انتهائها بقرار ملزم فإن راي اللجنة يعتبر نافدا في اغلب الأحيان عند الدول التي تحترم ألتزاماتها
   إن الحق في المحاكمة العادلة مضمون ومحمي رمزيا لأفراد مواطني الدول الموقعة للبرتوكول الإختياري ويؤسفنا ان المواطنين المغاربة لا يتمتعون بهذه الحماية الرمزية لأن الدولة المغربية ليست لحد الأن طرفا في البرتوكول الإختياري وهو شيء يطرح علينا البحث في توفر شروط المحاكمة العادلة في القانون المغربي مع تبيان دلك بنمودج لمحاكمة غير عادلة

ثانيا :الحق في المحاكمة العادلة في القانون المغربي
1 ــ ادخل الدستور المغربي الأخير لسنة 1992 إقراره بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا كما جاء في ديباجة وهي خطوة تفيد إدما محتويات الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في النظام القانوني المغربي على اعلى المستوى ، وهذا شيء يفيد بشكل غير مباشر الإعتراف بالحق في المحاكمة العادلة كما هي في المعايير الدولية .
ويعتبر القانون حسب الفصل الرابع اسمى تعبير عن إرادة الأمة وليس له اثر رجعي ، كما ان جميع المغاربة سواء امام القانون (12)
     ويحدد الفصل العاشر انه لا يلقى القبض على احد ولا يعتقل ولا يعاقب الا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون وهذا إلزام للهيئات القضائية بإحترام القانون في الشكل والجوهر وهو الشرط الأول للمحاكمة العادلة
      وبخصوص القضاء " فإنه مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية (13) ولا يعزل قضاة الأحكام ولا ينقلون الا بمقتضى القانون (14)
    وقد تم ادخال تعديلات على المسطرة الجنائية لإدماج بعض مقتضيات الإتفاقية الدولية لحقوق الإنسان حول الحقوق المدنية والسياسية ومن بينها تخفيض مدة الحراسة النظرية وتعزيز دور الدفاع بحضوره امام قاضي النيابة العامة .
ويمكن اعتبار انشاء المحاكم الإدارية استجابة لمحتوى الدولية بخصوص المحاكمة العادلة وذلك ضمانا للحق في محاكمة عادلة طالبا او مطلوبا .
2 ــ انطلاقا من المقتضيات القانونية في الدستور ومن مختلف القوانين المسطرية المنظمة لإجراءات المحاكمة فإنه يمكن القول بأن القانون المغربي تبعا لذلك يضمن الحق في المحاكمة العادلة وذلك بناء على ان مبدا فصل السلطات منصوص عليه في الدستور هو الضمانة السياسية لقيام قضاء مستقل
لكن هل فصل السلطات مبدا مطبق في الدستور المغربي ؟
ا ــ يذهب الأستاذ ضريف محمد في كتابه " النسق السياسي المغربي المعاصر" الى ان الدستور المغربي يؤسس ثلاثة حقول 1 حقل التحكيم 2 حقل الدولة الحديثة = الملكية الدستورية 3 حقل إمارة المؤمنين وهو ما ينص عليه الدستور في الفصل 19 " الملك امير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة وضامن دوام الدولة وإستمرارها وهو حامي حمى الدين والساهر على إحترام الدستور وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات (15) .
ب ــ ويسجل مؤتمر المحامين المنعقد بالدار البيضاء سنة 1994 في توصيته حول حقوق الإنسان (16)
" القصور التشريعي الواضح للقوانين الداخيلية وتعارض بعضها مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان "
" فيما يتعلق باستقلال القضاء :
" يطالب بمراجعة النصوص المتعلقة بالتنظيم القضائي والنظام الأساسي لرجال القضاء إعمالا لمبدأ فصل السلطات ولضمان استقلال فعلي للسلطة القضائية وتوفير شروط قيامها بدورها الأساسي في السهر على سيادة القانون وضمان الحريات الفردية والجماعية ".
" ويسجل المؤتمر وبكل استياء استمرار الإعتقال التعسفي ضدا على التوجهات الجديدة للمشروع المغربي فيما يتعلق بالحراسة النظرية واستمرار ظاهرة التعذيب وتوالي الوفيات في مراكز الشرطة القضائية (16) .
ج ــ ويؤكد المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تصريحة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة (17) :
"على مستوى القضاء والمحاكمة العادلة:
يسجل : ــ المساس باستقلال القضاء في نص التشريع وفي الواقع .
           ــ انعدام معايير المحاكمة العادلة في القضايا السياسية او النقابية وبعض قضايا ا
               الحق العام وخرق حقوق الدفاع بما في ذلك سماع الشهود واعتماد محاضر
                الضابطة كأساس للإدانة .
          ــ بطء إجراءات التحقيق والبت وفي غير حالات البطء يتم اللجوء احيانا الى فورية             البت على حساب إجراءات الضمانات القانونية وإجراءات المحاكمة العادلة.
اما المنظمة المغربية لحقوق الإنسان فقد سجلت في تقريرها السنوي إنها تلرى "إن معالجة إشكالية القضاء تتطلب التعامل معها في شموليتها " وانها " قد طالبت في هذا الصدد بإلغاء التشريع الصادر في حالة الإستثناء 1974 وإعادة النظر في النظام الأساسي الحالي للقضاء لضمان استقلال القضاء وتكريس حريتهم في التعبير وتكوين الجمعيات واضطلاع المجلس الأعلى للقضاء بالمهمة المخولة له بمقتضى الدستور ومراجعة الظهير المتعلق بإعادة التنظيم القضائي "
" وفي ظل هذا التشريع يخضع القاضي للسلطة التنفيذية ويكون موضوع التوثيق والإنابة المؤقتة ... نقلا لمدة غير مح دودة ويتم تنقيطه من لدن رئيس المحكمة ويخضع مباشرة او بصفة غير مباشرة لتدخلات الإدارة المركزية كما انه يمارس في ظروف مادية تمس كرامة القضاء . ولقد لوحظ تفشي ظاهرة الرشوة (18) وقد اكدت المنظمة الأمريكية لحقوق الإنسان يومان رايت واتش على " نفس الشئ بخصوص القضاء في تقريرها عن المغرب " (19) .
ثالثا : الحق في المحاكمة العادلة في الواقع
محاكمة جمعية تيللي نمودج لمحاكمة غير عادلة في المغرب سنة 1994
         إن من يدرس الملف الجنحي والمدني موضوع محاكمة جمعية نيللي وهي جمعية ثقافية امازيغية بكلميمة حوصرت وحوكمت جنحيا ومدنيا خلال سنة 1994 يتأكد من ان النصوص الواردة في الدستور حول استقلال القضاء وكل البنود القانونية الأخرى في المسطرة الجنائية هي نصوص جميلة لكن لا علاقة لها بالواقع .
          فمحاكمة جمعية تيللي ابرزت تبعية السلطة القضائية للسلطة التنفيذية . فقد ضربت هذه المحاكمة بالعديد من المبادئ عرض الحائط وانهارت شروط المحاكمة العادلة التي استعرضناها .
                     ــــ فقد تم الإعتقال تعسفيا وخلافا للفصل 10 من الدستور.
                    ــــ وانتهكت حرمة المنازل ، وانجز التفتيش خلافا للقانون .
                    ـــ وتم تجريم افعال لم ينص قانون على تجريمها .
                    ـــ ولم تحترم حقوق الدفاع .
  وقبل أن أقدم الحكم الوثيقة ، فإني اوجز الوقائع باختصار فيما يلي :
في فاتح ماي 1994 وبمناسبة المسيرة العمالية المرخصة والمؤطرة من طرف الكونفدرالية الديموقراطية للشغل والإتحاد العام للشغالين ،شارك رئيس جمعية بصفته نقابيا صحبة عضوين من المكتب بصفتهم نقابيين كذلك ( حرش الراس علي ــ إيكن علي ــ الطاوس امبارك ) وهم كلهم أساتذة في التعليم الثانوي ، شاركوا في هذه المسيرة حاملين لافتات مكتوبة بالحروف الأمازيغية تيفيناغ ، ورددوا شعارات مع العمال بالأمازيغية . وفي يوم 2و4 تم القاء القبض عليهم وقدموا للنيابة العامة يوم 5/5/94 صحبة اربعة اخرين ثلاثة منهم لم يحضروا يوم المسيرة ،بتهم التحريض والقيام بأعمال يقصد منها بلبلة الأمن العام والطمأنينة وترديد شعارات بدون رخصة من شأنها المس بمبادئ الدستور وإحداث البلبلة والتحريض على ارتكاب اعمال تمس بالسلامة الداخلية للدولة ومخالفة قانون الجمعيات المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 1و2و3 من ظهير 1935 (20) المعدل سنة 1969 والفصلين 38و39 من قانون الصحافة المؤرخ في 15/11/1958 والمغير يوم 10/04/1973 والفصول 3و9و11و17و21 من قانون التجمعات العمومية المؤرخ في 15/11/1958 المغير بظهير 10/04/1973 .

   وقد تبين من خلال وثائق الملف ان اجراءات اعتقال ومحاكمة اعضاء جمعية تيللي جنحيا والجمعية نفسها مدنيا انطلقت بطلب شفوي ثم مكتوب وجه من طرف عامل إقليم الراشيدية ــ كما يلي :
1 ــ الطلب المكتوب وجه يوم 05/05/1994 يطلب فيه العامل حل جمعية تيللي .
2 ــ بناءا عليه قدم وكيل الملك بالراشيدية مقالا الى المحكمة الإبتدائية بنفس تاريخ توصله بطلب الحل من عامل الإقليم .
3 ــ اصدر السيد وكيل الملك اوامر الإيداع بالسجن يوم 05/05/1994 ضد اربعة مسؤولين من جمعية تيللي وثلاثة متعاطفين قدموا لمحاكمة جنحية لا تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة المعروضة اعلاه وخرقت كل المبادئ القانونية المتعلقة بحقوق الإنسان .واصدرت حكمها يوم 27/05/1994 في الملف الجنحي التلبسي عدد 415/94 تحت رقم 521 هذا هو منطوقه :
" تصريح المحكمة"
أولا : بإدانة الأظناء علي إيكن والطاوس امبارك وحرش الراس علي من اجل تهم التحريض والقيام بأعمال يقصد منها بلبلة الأمن العام الطمأنينة وترديد شعارات من شأنها المس بمبادئ الدستور وإحداث البلبلة والتحريض على اعمال تمس بالسلامة الداخلية للدولة وتحكم على الأول والثاني بسنتين حبسا نافذا مع غرامة نافذة قدرها عشرة الأف درهم لكل واحد منهما ، وتحكم على الثالث بسنة واحدة حبسا نافذا مع غرامة نافذة قدرها عشرة الأف درهم وتحميلهم جميعا الصائر والإجبار في الأدنى .
ثانيا : بعدم الأظناء المذكورين اعلاه من اجل جنحة مخالفة قانون الجمعيات .
ثالثا : بعدم مؤاخدة الأظناء كيكيش احمد واشنى علي وجعفر سعيد والدرويش عمر من اجل جميع التهم المنسوبة اليهم وتحكم ببرادتهم .

       وقد استؤنف هذا الحكم ، وتلت صدوره حملة تضامن وطنية ودولية شاركت فيها مجموع الجمعيات الحقوقية والهيئات السياسية الديموقراطية الوطنية بجانب الجمعيات     الثقافية الأمازيغية ، كما شاركت عدة هيئات دولية منظمة العفو الدولية ، وكانت لائحة الدفاع قد وصلت الى ثلاثمائة وثلاثين محاميا من جميع انحاء العالم المغرب .
         ويبدو ان الحكم الإستئنافي تأثر بحملة التضامن ،فأصدرت محكمة الإستئناف بتاريخ 29/06/1994 تحت عدد 787 في الملف الجنحي الإستئنافي رقم 800/94 جاء في منطوقه ما يلي :
      " إن محكمة الإستئناف بالراشيدية وهي تبث في القضايا الجنحية علنيا حضوريا ونهائيا تصرح :
في الشكل : بقبول استئناف النيابة العامة والمتهمين ودفاعهم .
في الموضوع :بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة المتهمين ايكن علي وحرش الراس علي والطاوس امبارك من أجل التخريض والقيام بأعمال يقصد منها بلبلة الأمن العام والطمأنينة والتي من شأنها المس بمبادئ الدستور وإحداث البلبلة والتحريض على اعمال تمس بالسلامة الداخلية للدولة .
وبعد التصدي :التصريح ببراءتهم منها وتأييده فيما قضيبه من إدانتهم من اجل ترديد شعارات بدون رخصة والحكم على كل واحد منهم بالحبس لمدة ثلاثة اشهر نافذة في حدود شهرين إثنين وغرامة نافذة قدرها خمسمائة درهم وتأييده فيما قضى به من براءة المتهمين الثلاثة الأخرين (20)
         أما المحاكمة المدنية التي قدمت في نفس تاريخ طلب العامل وتاريخ مقال وكيل الملك 05/05/1994 فقد انتهت يوم 07/11/1994 برفض الطلب .
                                          ملاحظات ختامية
أولا :كانت محاكمة جمعية تيللي الجنحية اخر محاكمة بمتابعة ظهر ما من شأنه (ظهير
         35) وقد الغاه البرلمان بعد المتابعة وقبل صدور الحكم الإستئنافي
ثانيا :تؤكد الوثائق الموجودة بالملف ( طلب العامل ــ مقال وكيل الملك ــ اوامر الإعتقال
         وكذا نسخة الحكم ) تدخل السلطة التفيذية في شؤون السلطة القضائية.
ثالثا :جرمت النيابة العامة بمتابعتها افعالا لم تكن تمثل جرائم يوم المتابعة (انظر
         المتابعات والحكم الإبتدائي )
رابعا :ساير القضاء طلبات العامل والنيابة العامة في المحاكم الجنحية
خامسا :تم خرق الدستور اثناء اجراءات الإعتقال والتفتيش والحراسة النظرية وتم
            تعريض المتابعين للتعذيب النفسي الجسدي .
سادسا :تم رفض طلب الخبرة بعد معاينة اثار التعذيب .
       بمقارنة المعايير الدولية بما جرى في هذه المحاكمة ، يتبين ان مطالب مؤتمر المحامين بالدار البيضاء ( الؤتمر 21) لا تزال قائمة ،ولا يزال النضال من اجل تحقيقها مهمة ملحمة .

                                      
   الهوامش
1 ــ ص 12 من كتاب حقوق الإنسان بالمغرب ــ الدكتور محمد ضريف ــ منشورات المجلة
     المغربية لعلم الإجتماع السياسي.
2 ــ نفس المرجع السابق
3 ــ ميثاق الأمم المتحدة ( الديباجة)
4 ــ ميثاق الأمم المتحدة ( الديباجة)
5 ــ المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة الفقرة 3
6 ــ ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
7 ــ الإعلان العالمي حول استقلال القضاء
8 ــ نفس المرجع السابق
9 ــ المبادئ الأساسية لدور المحامين /المؤتمر 18 للأمم المتحدة لمنع الجريمة هافانا.
10 ــ الإتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية
11 ــ المادة 3 من البروتوكول الإختياري الملحق بالإتفاقية المذكورة
12 ــ الفصل الخامس من الدستور
13 ــ الفصل 76 من الدستور
14 ــ الفصل 79 من الدستور
15 ــ محمد ضريف ــ النسق السياسي المغربي المعاصر ص 203
16 ــمجلة المحامة ــ العدد ص 208
17 ــ ص 3  من الملحق الخاص لجريدة انوال يومي 10 ــ 11 دجنبر 95 .
18 ــ ص 6 من التقرير السنوي 95 للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان
19 ــ انوال نفس العدد السابق
20 ــ هو الظهير المعروف بظهير ما من شأنه وهذه هي اخر محاكمة استعمل فيها قبل الغاية قبل صدور الحكم الإستثنائي من طرف البرلمان.

                                          الملاحق
ـــ الملحق 1 طلب العامل لحل جمعية " تيللي" ( الحرية)
ـــ الملحق 2 مقال وكيل الملك من اجل جمعية " تيللي"
ـــالملحق 3 اوامر الإيداع بالسجن
ـــ الملحق 4 الحكم الإبتدائي
ـــ الملحق 5 الحكم الإستئنافي
ـــ الملحق 6 مشروع البروتوكول الإختياري الثالث الرامي الى ضمان الحق في المحاكمة

                 عادلة .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire